للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَل اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) النداء موجه للذين آمنوا بوصف أنهم مؤمنون، أي أنه ليس من الإيمان أن تحرموا الطيبات التي أحلها الله تعالى من لحم طرى، وسمك شهي، وشراب سائغ، وزوجات هن زهرات هذا الوجود، فالطيبات هي المشتهيات الحلال، التي تستطيبها النفس ولا تمجها، فإنها بناء الجسم ومصدر قوته على الجهاد، وتطلق الطيبات على ما كان طريق كسبها حلالا لَا خبث فيه، وكلمة (ما أحل الله لكم) إشارة إلى أن الله تعالى أحلها، فتحريمها معاندة لله، ويدخل فاعل ذلك ضمن من يشملهم قوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ. . .).

ومعنى تحريمها أن يأخذوا على أنفسهم ميثاقا بألا يتناولوها، فليس التحريم في معنى الترك الجرد، فقد يتركها؛ لأنه لَا يستسيغها، أو يتركها لمرض، أو يتركها عفوا من غير سبب، أما تركها بعهد يعهده وميثاق يأخذ نفسه به فهذا هو التحريم.

وروي في سبب نزول هذه الآية حديث نبوي شريف نذكره مع طوله نسبيا لأنه يبين معنى هذه الشريعة السمحة.

روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس يوما فذكر الناس ووصف القيامة، فرق - الناس، وبكوا واجتمع عشرة من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - في بيت عثمان بن مظعون الجمحي، وهم علي - كرم الله وجهه -، وأبو بكر - رضي الله عنه - وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر والقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، ومعقل بن مقرن،

<<  <  ج: ص:  >  >>