للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي إذا كان كل امرئٍ مجزيًّا بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فاملأوا قلوبكم بتقوى الله وخشيته وملاحظة أنه يعلم ما تبدون وما تكتمون، فاعبدوه كأنكم ترونه، فإن لم تكونوا ترونه، فاعلموا أنه يراكم، وهو يعلم سركم وجهركم، فإن خشية الله تعالى في أعمالكم على هذا النحو يُرجى منها الفلاح والفوز؛ لأنها سبب لذلك، فالرجاء في: (لَعَلَّكُمْ) من العبيد، لَا من الله؛ لأنه سبحانه يرجى ولا يرجو إنه بكل شيء عليم.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (١٠٢)

* * *

في الآيات السابقة بين الله تبارك وتعالى أنه لَا يصح أن نحرم ما أحل، وإذا حرمناه بأيمان أقسمنا بها - بين سبحانه وتعالى تحلة أيماننا. ثم أشار من بعد إلى ما حرمه، وهو ما يكون مستقذرا في ذاته، أو يكون تحريمه مؤقتا بزمان ومكان، وليس تحريمه على التأبيد، ولكن العرب كانوا يحرمون على أنفسهم حلالا من الطيبات بأوهام يتوهمونها من غير تنزيل جاء بتحريمها، وليس في ذاتها ما يستقذر، وجنسها يحللونه ولا يحرمونه، ثم كان من المؤمنين من يسأل عن هذه الأمور فبين سبحانه أنه لَا أمر ولا نهي إلا ما جاء به القرآن، وأنه لَا يجوز أن يتقدموا بأسئلتهم حتى يبينه القرآن فكل حكم يكون في وقته المعلوم لتستأنس فيه القلوب بأحكام الشرع جزءا جزءا حتى يتمه الله تعالى قبل أن يقبض رسوله إليه ولذلك قال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>