للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا شدد الإسلام في ضرورة كتابة الوصية، والشخص قوي معافى، حتى لا يدركه الموت قبل أن يتمكن، حتى أن عبد الله بن عمر ليقول: (لا يحل لمؤمن إلا أن يبيت ووصيته مكتوبة قد وضعها تحت وسادته).

الخطاب في قوله تعالى للمؤمنين بقوله تعالت كلماته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ) للإشارة إلى أنه من مقتضيات الإيمان العناية بالوصية، ونقلها وتنفيذها بالعدل، كما قال تعالى: (فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. . .).

والشهادة على الوصية نصابها اثنان ذوا عدل منكم والعدالة هي الصدق في القول والأمانة على المال والقيام بأوامر الدين، والانتهاء عن منهياته، بحيث لا يجاهر بمعصية، ولا يرتكب منكرا إلا اللمم كما قال تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْم وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ. . .)، والقيام على الوصية يكون بتنفيذها كاملة موفورة، والمحافظة على الأموال، ونقل إرادة صاحب تلك الأموال.

وإنه لَا يتوافر العدل في كل الأحوال في الوصية، فإنه قد يكون الموت في سفر، ولا يتوافر العدل من المؤمنين، فقد يكون المصاحب للمتوفى من غير المؤمنين، أو من غير العدول، ففي هذه الحال يتساهل وتقبل شهادة غير المسلمين، ولذا قال سبحانه:

(أَوْآخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ).

قوله تعالى: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) ما المراد بهذا المغاير؛ وذلك يستدعي بلا ريب تفسير (منكم) فقد قال بعض العلماء: إن منكم معناها من قبيلتكم، أو من أقاربكم، ويكون من غيركم معناه من غير قبيلكم أو من غير ذوي قرابتكم، والجميع في دائرة أهل الإيمان، ويتمسك هذا الفريق بأنه لَا تقبل شهادة غير المؤمن، فلا يمكن أن يكون المراد من غيركم الكافرين؛ لأن الكافر لَا تقبل شهادته على المؤمن عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>