للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء إذا آمنوا ذلك الإيمان، وأخلصوا لله ذلك الإخلاص وقوّوا إيمانهم بالعمل الصالح الذي يكون فيه الطاعة لله ولرسله والاستجابة لكل ما أمر به - من كانوا كذلك فلا خوف عليهم من عقاب ينزل بهم، ولا يحزنون على ما فاتهم في ماضيهم من شر، لأن الإيمان يجبُّ ما قبله كما قال تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ. . .)، فلا يأسون على ما فاتهم ويفرحون بما أتاهم.

ونقبس قبسة من صورة الإيمان كما علم جبريل أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم:

روى ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد شعر الرأس، لَا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسند ركبته إلى ركبته، ووضع يديه على فخذيه، ثم قال: " يا محمد، ما الإسلام؟ فقال: شهادة أن لَا إله إلا الله، وأني رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. قال: صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد، ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، قال: صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد، ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لَا تراه فإنه يراك، قال: فمتي الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فما أمارتها؛ قال؛ أن تلد الأمةُ ربتَها، وأن ترى الحفَاةَ العُراة العَالَة رِعَاء الشاء يتطاولون في البنيان " (١). هذا هو الإيمان الذي يزيل الفوارق التي تكون بين الأمم والجماعات والأديان، وقبل أن نتم الكلام حول الآية الكريمة نذكر أمورا ثلاثة فيها بيان للناس في ظل بيان القرآن الكريم.


(١) حديث جبريل الشهير، رواه بهذا اللفظ ابن ماجه: المقدمة (٦٢)، ورواه مسلم: كتاب الإيمان (٩)، والبخاري: الإيمان (٤٨)، والنسائي (٤٩٠٤) وأبو داود (٤٩٧٥) وأحمد: مسند العشرة المبشرين (١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>