للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ... (٦٥)

* * *

بعد بيان قدرته على كشف الكروب بين سبحانه وتعالى قدرته على إنزال الشدائد؛ جزاءً لهم بما كسبت أيديهم، فهو كاشف الضر، وهو منزل العذاب، كل يسير على مقتضى حكمته، وعلى ما يصلح به الإنسان، ويستقيم عليه أمر العالم كما قدر رب العالمين: (. . . وَكلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ).

وقبل أن نتكلم في معنى القدرة القاهرة، نذكر كلمة في ناحية بيانية، وهو لماذا أمر الله تعالى نبيه في التنبيه إلى ضعفهم، وقدرته سبحانه وتعالى، وصدر الكلام بكلمة (قُلْ) في بيان ضعفهم، واستجابته لضراعتهم، واستعلائه بقدرته عليهم؟ ونقول في الإجابة عن ذلك فيما يبدو: إن تصدير الكلام بـ " قل " فيه تنبيه؛ فضل تنبيه، وفيه بيان مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه هو الصلة بينهم وبين ربهم، وأنه المبعوث إليهم من قبله، وأنه هو الذي يخاطبهم عنه سبحانه في كشف الضر عنهم، ورفع الغمة إن نزلت بهم، وهو منذرهم بالعذاب الشديد.

والخطاب هنا لمن؟ أهو للمشركين فقط الذين وعدوا بالشكر ثم أشركوا؛ أم هو خطاب للناس أجمعين؛ ظاهر السياق هو الأول لأنه الخطاب، ولكن موضوع الخطاب يعم، ولا يخص المشركين، ولأن مفسري السلف والآثار الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تومئ إلى أن المؤمنين يدخلون في عموم الخطاب، وإنا نميل إلى هذا العموم.

والنص الكريم يفيد عموم العقاب؛ لأن العذاب الذي ينزل من فوق يعم الجميع، كذلك العذاب الذي يجيء من تحت الأرجل يجيء عاما لَا خاصا، فإذا كانت صواعق، أو إعصار شديد وصواعق، أو سيل عارم كل هذا يعم ولا يخص، وكذلك الخسف الذي تمور به الأرض مورا، والزلازل المدمرة، والبراكين الحارقة كل هذا يعم ولا يخص ينزل بالمؤمنين مع الكافرين، وقد عبر الله سبحانه وتعالى عن هذه الأمور بعبارتين جديرتين بالنظر فيهما:

<<  <  ج: ص:  >  >>