للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيها: أنها لم تعد لحرث الأرض وإثارتها ليرمى فيها الزرع.

وثالثها: أنها لَا تسقي الزرع فلا تدير ساقية تسقي الزرع.

والوصف الرابع: أنها مسلَّمة، أي سليمة من العرج، ومن كل ما يشوب جسمها من شوائب المرض، فمسلمة اسم مفعول من سلَّم، أي أن الله تعالى سلمها من كل العيوب الجسمية، فلا بها عرج، ولا عور، ولا أي عيب جسمي.

والوصف الخامس: أنه لَا شية فيها، أي ليس فيها لون يخالف لونها الذي يعم كل أجزائها، والشية أصلها وشية حذفت فاؤها، لأنها وصلة، والشية مأخوذة من وشى الثوب إذا نسج على لونين مختلفين.

ونرى أن هذه الأوصاف في البقرة تشبه الأوصاف التي كان يذكرها قدماء المصريين في العجل الذي يعبدونه، فأتى الله سبحانه وتعالى بأوصافه، لتبين أنهم خلصوا من نفوسهم كل أوهام المصريين في البقر.

وقد يقال: إنه كان عجلا، ولم يكن بقرة، فنقول: إن بقرة مفرد لاسم جنس جمعي هو البقر، ويراد به الذكور والإناث، وإن طلب ذبح بقرة تتشابه في أوصافها مع أوصاف العجل الذي توهموا أنه يستحق أن يعبد، فيه اختبار شديد لهم، وحمل لهم على أن يخلعوا كل أوهام المصريين التي سرت إلى نفوسهم.

ولقد قال تعالى من بعد ذلك: (فَذَبَحوهَا) أي قاموا بذبحها (وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) لكثرة لجاجتهم، ومراوغاتهم وجدلهم، ولكن الله سبحانه وتعالى راضهم على ذلك حتى فعلوا كارهين غير راضين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>