للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد صنع الشاب إبراهيم - عليه السلام - صنيع المدرك الفاهم، فأخذ يزيل هذه الأوهام بعقله الصافي النافذ إلى الحقائق؛ أزالها عن نفسه، وأزالها عن غيره، ولكن آمن، وغيره لم يزلها من عقله الذي لصقت به، فلما زالت الأوهام اتجه فورها إلى ربه الذي أنشأ هذا الوجود، واستدل من هذا الوجود الممكن إلى وجود الله تعالى الكامل الموجود الأول والآخر والظاهر والباطن، والقادر على كل شيء سبحانه.

وقد وصف نبي الله إبرهيم بقوله: (حَنِيفًا) أي متجها ناحية الحق وحده دون غيره، فهو الحق وإن لم أرَه وهو الكمال وإن لم أحسه بالجارحة فقد أدركته بعقلي وقلبي، وهو ملء نفسي.

وقد ختم بقوله: (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) نفي أن يكون من المشركين، فذكر ضمير المتكلم في موضع النفي، وقد نفي أن يكون في عداد المشركين الذين أشركوا النجوم مع الله أو الأصنام التي تسمت بأسمائها، وبذلك انخلع من الشرك وأهله، وصار حجة للمؤمنين على الكافرين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>