للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(اضْرِبُوهُ بِبَعضهَا) أي ببعض البقرة، وإن ضربهم للمقتول ببعض البقرة، يحييه الله تعالى فيخبر عمن قتله، ويعرف القاتل، وقصة البقرة سيقت لبيان إحياء الله تعالى الموتي في وسط قوم ينكرون البعث والنشور؛ ولذلك قال تعالى بعد ذلك: (كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى) أي كذلك الإحياء الذي شاهدتموه عيانا، إذ كان ميتا فأحياه الله تعالى؛ أي مثل ذلك الإحياء الجزئي الذي شاهدتموه وعاينتموه يحيي سبحانه وتعالى الأجسام بعد موتها، ويكون النشور ثم تقوم القيامة.

ويقول سبحانه وتعالى: (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي رجاء منكم لأن تعقلوا وتدركوا الأمور على وجهها، وعلى هذا التفسير يكون المقصود أن الأمر بالذبح لكي يضرب ببعضها الميت فيحيا، وإن هذا يقتضي أن يقدم خبر الإحياء والضرب ببعضها على الأمر بالذبح.

وقد أجاب عن ذلك الزمخشري بأن التأخير يفيد بأن في الخبر أمرين عجيبين، وأن كليهما يصلح أن يكون قصة قائمة بذاته، فالأولى المراوغة في الطاعة، والثانية إظهار الأمر الخارق لمادة، في إحياء الميت بضربه ببعض بقرة، ولقد قال في ذلك:

إن كل ما قص من قصص بني إسرائيل إنما قص تعديدا لما وجد منهم من الخطايا، وتقريعا لهم عليها، ولما جُدِّد فيهم من الآيات العظام، وهاتان قصتان كل واحدة منهما خصت بنوع من التقريع، وإن كانتا متصلتين متحدتين، فالأولى لتقريعهم على الاستهزاء، وترك المسارعة إلى الامتثال، وما يتبع ذلك، والثانية

<<  <  ج: ص:  >  >>