للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرجه فعلا من النوى، ولكنه صار كالأرض يخرج منه مثل كل اتخرج الأرض من نبات، وقد قدر إخراج الله لهذا القنو من الطلع، كإخراج النبات من الأرض، فإخراج القنو كإخراج النبات من الأرض بقدرة الله تعالى، و " قنوان " جمع قنو، و " دانية " أي قريبة تتناولها الأيدي، وقد ذكر الدانية لأن نعمتها أقرب، ولأنه يظهر أن النخل القصير يكون طيب الجنى، ويظهر أن هذا النوع هو النخل الذي أكرم الله به السيدة البتول مريم عندما ولدت المسيح قال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥).

وقد ذكر الله تعالى النخل والتمر عقب الحَب؛ لأن التمر كما ذكرنا يكون غذاء، وكما يقول علماء النبات إنه غذاء كامل.

وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك الأعناب، والزيتون والرمان فقال تعالى: (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ).

وقوله " جنات " معطوفة على " نبات كل شيء " أي أخرجنا جنات من أعناب، وأعناب جمع عنب، والجنات جمع جنة، وهي الأرض ذات الأشجار الملتفة المتكاثفة التي تجنّ الأرض وتظلها، وعبر عن الأعناب بالجنات؛ لأنه إذا نما وترعرع، وأقيمت له العرائش كان جنة ساترة للأرض وحديقة غناء، تظهر وخضراؤها، وتُجَنُّ أرضها، وذكرت الأعناب بعد النخيل، لأنه كان كثيرا في أرض العرب، ولأنه فاكهة كانت أطيب الفواكه عندهم، ولأنه غذاء ودواء من عجمه وهو نواه.

ثم ذكر سبحانه وتعالى الزيتون والرمان، معطوفين على (نبات كل شيء) والتقدير في كل هذا أخرجنا بالإسناد إلى الذات العلية، لبيان قدرته العظيمة وإرادته الحكيمة، وآلائه على العرب وغيرهم.

وكان النخيل وطلعه بمقتضى السياق يكون معطوفا على (أخرجنا)، والاختصاص عندهم بالأهمية، ولأنه أكبر الأشجار المثمرة وأعلاها، فكان موجب الاختصاص أن يتغير الإعراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>