للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانيهما - أن الله تعالى عبر عن أصنامهم بـ (شركائنا) لأنهم لَا يقبلون أن يقولوا لأوثاننا أو أصنامنا، والله تعالى والحق لَا يقبل أن يقال عنهم آلهة، فعبر الله تعالى عنهم بقوله: (وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا) أي للشركاء الذين قلنا إنهم شركاء لله تعالى، وإضافة الشركاء إليهم، لأدنى ملابسة، ولأنهم ابتدعوها، وما أنزل الله بها من سلطان ولكنهم لَا ينفذون ما قرروا فلا يعطون لله ما قرروه، بل يطففون، ولكنهم كما قال الله تعالى: (فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ اٍلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكائِهِمْ).

إنها قسمة ضيزى، فينقصون مما هو لله في زعمهم، ويزيدون ما هو لشركائهم، فما يكون لشركائهم يخصصون لها شيئًا غير منقوص، وما يكون لله لا يخصصونه له كاملًا، ويقولون الله غني، وهؤلاء فقراء محتاجون، والله لا يحتاج لشيء، فإذا كان ما خصص للأوثان لَا يكفي سدنتها وخدمتها، وما ينفق حولها لَا يكفيها أخذوا من نصيب الله ليسدوا كل حاجاتها في نظرهم، وكله إنفاق في باطل، لَا خير فيه.

وقد روي أنهم كانوا في الحرث، عندما يخرصون ما ينتج، كل زيادة عما خرصوه يكون للأوثان، ولا يكون لله، وإذا كان الماء الذي يسقى به نصب أوثانهم قد ذهب إلى حرث الله عدوه حرثا للأوثان، وإذا كان الماء المخصَّص لحرث الله ذهب إلى حرث أوثانهم جعلوا الخارج لأوثانهم، ولوكان قد سقى بماء الله تعالى، وهذا قد روي عن ابن عباس فقد روي عنه رضي الله عنه أنه قال في تفسير هذه الآية: إن أعداء الله تعالى كانوا إذا حرثوا حرثا أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منها جزءا، وللوثن جزءا، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه، وأحصوه وإن سقط شيء مما سمي للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن، فسقى شيئا مما جعلوه لله جعلوا ذلك للوثن وإن سقط شيء من الحرث والثمرة التي جعلوها لله فاختلط

<<  <  ج: ص:  >  >>