للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يذكر اسم الله تعالى، نسيانا فإنه يؤكل المذبوح، وإن ترك عمدا، ففيه نظر، ما دام لم يذكر غير الله تعالى.

وهناك بحث آخر، وهو أن ثمة محرمات قد وردت بها آثار كسباع البهائم فإنها وردت الآثار بتحريمها وسباع الطيور، وبعض خشاش الأرض، كالحية والعقرب، وغيرها، وكالحمر الأهلية التي حرمت في غزوة خيبر. والآية تفيد القصر، أي قصر المحرمات على المذكور، كما تفيد إباحة غيره؛ لأن القصر كما هو مقرر في علم البيان نفي وإثبات، فقد أثبت التحريم في هذه الأشياء الميتة والدم المسفوح، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، وثبتت الإباحة بالنص الذي أفاد القصر فيما عداها، وقد ثبت أن بعض ما عداها كان حراما. وهذا يتناقض مع القصر.

وقد أجيب عن ذلك بعدة إجابات:

أولها - أن هذا القصر خاص بالأنعام، وما كان يشبهها من البهائم كالخنزير، فإن النص سيق للرد على المشركين الذين حرموا بعض الأنعام وافتروا على الله تعالى بالكذب، فكان الرد بهذا القصر الذي يفيد تحريم ما نص عليه، وأن غيره مباح، وغيره هو ما يتعلق بالأنعام، وقد يرد على هذا أن التحريم كان فيه الخنزير، وهو لَا يشبهها، فمجيئه لَا يدل على أن الكلام في الأنعام فقط، ونقول إن مجيئه لَا يمنع أن الإباحة فيما عدا المنصوص عليه كان في الأنعام فقط، فلا يدخل في مدلول نفي التحريم غير الأنعام، بل يبقى سكوتا عنه حتى يجيء نص فيحرمه، وإلا فهو في مرتبة العفو أو الإباحة، هذا تخريج للقصر، ونعتقد أثه لا يمنع تحريم سباع البهائم وسباع الطير، وخشاش الأرض وهذا عندي أوضح التخريجات وأقربها.

والتخريج الثاني تخريج الزمخشري - وهو أن الاستثناء منقطع بمعنى لكن، وأنه لَا قصر حتى يكون الكلام مشتملا على نفي وإثبات نفي التحريم وإثبات

<<  <  ج: ص:  >  >>