للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبات القطن والكتان، ويكون من الأنعام الأصواف والأوبار والأشعار، مما يتخذ لباسا تستر به العورة.

فالله - سبحانه - يعبر بالسبب، وهو نزول الماء الذي يكون منه النبات وغذاء الجسم، ويكون من ذلك اللباس الذي يواري السوءة، وهي العورة، وقد بينا أن السوءة وهي العورة، وقد بينا أن السوءة ما يسوء النظر إليه، ولا تقره الفطرة السليمة.

وأقول: إن تفسير قوله تعالى: (قَدْ أَنزَلْنَا) بالمطر الذي يكون منه اللباس تفسير سليم، ولكن كلمة " أنزل "، كما تدل على نزول الماء كما في قوله تعالى:

(. . . وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. . .)، كما في قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً. . .)، فإننى أرى أنها كما تدل على ذلك، تدل أيضا على الأنعام، فهو سبحانه أنعم بهذا اللباس الذي يواري السوءة، فهو الذي أنزل علينا نعمه ظاهرة وباطنة.

ويقول سبحانه وتعالى: (وَرِيشًا) الريش والرياش لباس الزينة، وما تزين به البيوت من فراش، وأطلق الريش على لباس الزينة، على أنه من قبيل التشبيه بريش الطير الذي يتزين به، وتصيبه الحسرة إن خلع منه.

والمعنى أن الله تعالى أنزل لبني آدم، اللباس الذي يواري السوءة، ولباس الزينة.

(وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر).

إن اللباس الضروري هو الذي يواري السوءة، والريش هو الزينة، وهو الرياش في البيوت، وكل ذلك في الأجسام، وما يتصل بها من المسكن والمأوى، فللقلوب لباس يكسو باطن الإنسان، وهو التقوى؛ ولذا قال تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى) وقد شبه في هذه الحال، ما يملأ النفس من تقوى سابقة وإيمان قوي، وباللباس الذي يلازم الجسم ويستره ويتزين به، فإن التقوى ستر لعيوب النفس،

<<  <  ج: ص:  >  >>