للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به " (١) هذا هو القسم الأول مما حر مه الله تعالى وهذا القسم الآتي داء الشر، ولذا قال تعالى: (وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا).

هذا أشد المحرمات، وهو محرم بأمر الله، ومحرم ببديهة العقول، حتى لقد قال العلماء: إن وحدانية الله تعالى أمر تصل إليه العقول بالبديهة أو النظر القريب.

قال تعالى: (وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ)، أي أن تجعلوا شريكا لله تعالى في العبادة شيئا، أو جحرا، أو شخصا، لم ينزل الله به سلطانا، ويقول العلماء: إن السلطان هنا الحجة أو الدليل.

وأرى ما رأوا، ولكن في التعبير عن الحجة بـ " سلطان " إشارة إلى معنى أن هذه الأوثان وما شابهها لَا قدرة لها، ولا تثبت أن لها قوة تنفع وتضر، ومهما يكن، فإنهم يعبدونها بالأوهام المسلطة من غير سلطان من حجة أو دليل، ومن غير أن يعرفوا بالعيان أن لها سلطانا في الأفعال أو التوجيه في الكون، إنما هي الأوهام التي تصورها صالحة للعبادة مع الله تعالى لَا شريك له.

إن من الأمور التي حرمها الله تعالى أن نقول على الله مفترين؛ ولذا قال تعالى: (وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

هذا ثالث نوع من أنواع المحرمات، وهو الافتراء بأن يقولوا على الله ما لا يعلمون أن الله حكم به وقاله أو شرعه، كتحريم بعض الأحكام، وتحريم لبس اللباس في الطواف، ويقولون أنه من عند الله، وما هو من عند الله. وكما قال الله - تعالى - في الآية السابقة: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّه أَمَرَنَا بِهَا)، فذلك افتراء، وهو من أشد الافتراء (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّه كذِبًا. . .).

* * *


(١) رواه مسلم: فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (١٨٢٨)، وأحمد: باقي مسند الأنصار - حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (٢٤١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>