للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)

ألقوا حبالهم وعصيهم، والسحر لَا يغير حقائق، فلا يجعل العصي والحبال حيات، ولكنه يؤثر في الرائي في نفسه؛ ولذا قال: (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) جعلوهم يرون غير الحقيقة، (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) أي طلبوا رهبتهم بذلك السحر، وقد قلنا عند الكلام في السحر: إنه نوع من استهواء النفس، والسيطرة عليها بحيث يجعله في يد المستهوي، أو ما يعبر عنه بالتنويم المغناطيسي، فيغير إحساسها من محبة إلى بغض، ومن بغضٍ إلى محبة؛ ولذلك قال الله تعالى عما يفعله الذين يسحرون: (. . . يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ. . .) فيغيرون حال المحبة بينهما بهذا الاستهواء.

فكل ما فعله السحرة الذين نازلوا موسى - عليه السلام - أنهم استطاعوا أن يموِّهوا على الأنظار، ويسحروا الأعين لَا أن يغيروا حقائق الأشياء، فلم يجعلوا الحبل ثعبانا، ولكن العيون مسحورة، وأرهبوا الناس بعملهم وجاءوا في هذا بسحر عظيم في بابه الذي أتقنوه، إرادة الأجر من فرعون وإرضائه، ليكونوا من المقربين عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>