للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غضب موسى، وغضب له ربه؛ ولذا قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ).

أكد سبحانه وتعالى أن الذين اتخذوا العجل بأن صنعوه بأيديهم، وعبدوه من دون الله فاتخذوه إلها تقليدا وعماية عن الحق، وعن الإيمان بالآيات البينات، حكم الله تعالى عليهم بسبب اتخاذهم العجل فقال: (سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).

السين في سينالهم لتأكيد ما ينزل بهم و (غَضَبٌ) حال تقوم بالذات العلية، وهي غير غضبنا، وإن مظهره عذاب شديد، وبعد عن رحمته (. . . وَلا يُكَلِّمُهمُ اللَّهُ وَلا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ. . .)، وذلك إذا لم يتوبوا إليه، كما تدل على ذلك الآية التالية لهذه.

وينالهم مع الغضب ذلة، وهي ذلة المبطل إذا ظهر الحق، وتضرب عليهم الذلة إلى يوم القيامة إن لم يتوبوا إلى ربهم، ويرجعوا إليه.

وإن ذلك جزاء الجرمين؛ ولذا قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)، أي كهذا الذي ينالهم حتما من غضب الله الذي يكون أثره العذاب الشديد، والبعد عنه، والذلة تكون جزاء المجرمين الذين مردوا على الإجرام والمخالفة والعصيان، أي صار الإجرام وصفا ملازما لهم، لَا يخرجون منا، ولا يتركهم؛ لأنهم لَا يتوبون، وقد فتح الله تعالى باب التوبة مما يدل على أن ذلك العقاب هو لغير الذين يتوبون ويعملون الصالحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>