للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هداية إلى الحق في وسط دياجير الباطل والظلمات ورحمة بشريعتها التي اشتملت عليها، فالشريعة في التوراة بأخذها على أيدي الظالمين وإقامة العدل، يكون ذلك رحمة، فالعدل في ذاته رحمة، كما جاء في القرآن الكريم: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ. . .).

وإن هذه الهداية وتلك الرحمة إنما ينتفع بها الذين يرهبون الله تعالى ويخافونه، والذين يخافون الظلم ويجتنبونه، والذين في قلوبهم رأفة بالناس، ويخافون أن يؤذوهم ويتجنبؤن الأذى، ويخافون عذاب الله، ولذا قال تعالى: (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ).

أي إن الهدى والرحمة للذين هم يخافون الله تعالى ويرهبون عذأبه، فإنه مع رهبة رب العالمين يكون الاتعاظ والازدجار، والانتفاع بالهداية، وتلقي الرحمة؛ واستحقاقها. وقوله تعالى: (لِلَّذينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبونَ) فيه تأكيد لرهبتهم لله بعدة مؤكدات: أولها ضمير الفصل (هُمْ) وثانيها: تقديم (لِرَبِّهِمْ)،، أنهم لا يرهبون إلا ربهم، ولا يخافون غيره، وثالثها: في قوله (لِرَبِّهِمْ) فاللام هنا تفيد زيادة الرهبة، إذ إن (يَرْهَبُونَ) تتعدى بنفسها دون اللام، فذكر اللام لتقوية التعدي أي لتقوية الرهبة، وهكذا لَا ينتفع بما اشتملت عليه من الهداية إلى الطريق، والرحمة بالانتفاع بنظمها إلا هؤلاء؛ لأن هذه الرحمة لَا ينتفع بها إلا الذين يخافون الله تعالى ويرجون ثوابه ويخافون عذابه فيكونون منه دائما على حذر، فينجون.

بعد أن ذكر الله تعالى الميقات الذي واعد الله موسى عليه، وما كان من عبادة العجل، ولوم موسى لأخيه على عبادة بني إسرائيل العجل، بين الله - سبحانه - اختيار موسى لسبعين من رجال بني إسرائيل يمثلونهم، وكأنه اختار بني إسرائيل كلهم، فقال تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا ... (١٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>