للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ... (١٥٦)

هذه ضراعة إلى الله تعالى إلى أن يوفقهم للخير، وألا يجعلهم من الأشقياء، دعوا ربهم أن يكتب لهم في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة، وحسنة الدنيا هي الحال الطيبة التقية النقية الطاهرة التي تكون غايتها إرضاء الله تعالى، والبعد عن معصيته وفي الآخرة، والدعوة إلى الكتابة في الدنيا، دعوة إلى العمل الطيب، فحسنة الدنيا عمل صالح ونفع وخير، وأن يكون مصدر خير دائم، وفي والآخرة تكون الحسنة جزاء يكون وفاقا للعمل.

ولقد ذكر الله تعالى حسنة الدنيا، وطوى في الذكر حسنة الآخرة؛ لأنها ليست عملا، بل هي جزاء على عمل في الدنيا ثمرة الأولى، فمن حسنت دنياه وكانت للخير، حسنت آخرته، وكانت نعيما مقيما (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ. . .) وهو لمن اختار النفس والهوى، (وَرَحْمتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وذلك لمن اختار طريق الحق والهداية كما قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨).

وقال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، أي نجد الخير، ونجد الشر وقد أسند العذاب إليه وإلى مشيئته سبحانه لعظم العقاب، ولبيان أنه حق، وأنه من عند الله، وقد كتب العدل على نفسه كما جاء في الحديث القدسي (١)،


(١) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا ".
جزء من ْحديث طويل رواه مسلم وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>