للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه أوصاف ثلاثة. ووصف رابع ذكره الله تعالى بقوله تعالى: (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ)، وهذا الوصف يدل على أمر بالنص، وهو أنهم يجدون النبي - صلى الله عليه وسلم - مذكورا مكتوبا في التوراة والإنجيل، ويدل على أمرين آخرين:

أولهما - وحدة الديانات السماوية فهي تدعو إلى دين واحد، قد تتغاير بعض الفروع، ولكن الأصل واحد. كما قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ. . .).

وإن اليهود والنصارى قد حرفوا القول عن مواضعه، وغيروا وبدلوا، ولا يزالون يغيرون، ويبدلون على حسب أهوائهم، وقد ظهرت في مصر طبعة لإنجيل متى فيها تغيير عن سوابقها، ولا تكاد تجد نسخة مكتوبة في مصر، تتلاقى في كل أجزائها مع التي جاءت من بعد، يغيرون لفظا بدل لفظ، ويزيدون قيدا أو شرطا، ولا يلمح ذلك القارئ العادي بادي ذي بدء حتى يخفى ذلك على عامتهم بل بعض خاصتهم.

لقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاسم وذكر بالوصف، فغيروا الاسم وأحاطوه بما يجعله مبهما مع ملاحظة اختلاف اللغة العربية على اللغة العبرية.

ولكن الأوصاف لم يستطيعوا تغيير كثير منها، وهم يحاولون التغيير، ولنأت بنصين أحدهما من التوراة، والثاني من الإنجيل، وهما لم تمتد إليهم أيدي التبديل والتحريف ونرجو ألا يغيرا من بعد.

ما في التوراة - جاء في الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية: " جاء الرب من سيناء، وأشرق لنا من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم ".

وصريح أن إشراق الرب من سيناء هو إنزال التوراة، وإشراقه من سعير - وهي موضع بالناصرة - إنزال الإنجيل، وإشراقه من فاران، وهي مكة أو ما

<<  <  ج: ص:  >  >>