للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا) دعوة إلى الحق الذي قامت أدلته بميثاق أخذه الله تعالى، وأخذه وقد رفع الجبل فوقهم كأنه ظلة أظلتهم وطالبهم الله تعالى على لسان كليمه أن يأخذوه بقوة أي بجد، ولا ينحرفوا عنه، وأن يسمعوا إليه، ولا يخالفوه.

اجتمع لهدايتهم قوتان قوة الدليل في الآيات التسع، وقوة الدعوة في الميثاق الذي أخذ عليهم في حال رفع الجبل فوقهم ودعوتهم إلى سماع الحق، فهل أجابوا؟.

(قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) هذا ما جاء به القرآن نصا في إجابتهم. وإن ما حكى الله تعالى عنهم من أنهم قالوا: (سَمِعْنَا) تفسر على ظاهرها فإنه كان النداء قويا والجبل مرتفع عليهم، (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّة) أي ما شرعناه لكم من شرائع بجد وعزم، (وَاسْمَعُوا) فإنه لابد أن يكون الجواب (سَمِعْنَا)، أما ما حكاه سبحانه من أنهم قالوا: (وَعَصَيْنَا) فيصح أن تخرج على أنهم قالوها بألسنتهم، وذلك بعيد يتنافى مع قوة الميثاق وتأكده ومع طلب الأخذ بقوة أي بجد وعزم على التنفيذ، ولذا نستبعد ذلك الاحتمال لقيام القرائن ضده، وما نحسب أنهم وصلوا إلى هذه الحال أن ينكثوا بالعهد وقت توثيقه وأن يجاهروا بعصيانه، والعهد بينهم وبين المنقذ لهم، والعهد قريب، ولذلك قرر المفسرون أن كلمة عصينا مجاز عن أفعالهم، أي أن عصيانهم كان بلسان الفعال لَا بلسان المقال، فهم قالوا سمعنا بالقول وقالوا عصينا بأفعالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>