للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلوبهم أقفالها، وصور - سبحانه وتعالى - حالهم فقال عز من قائل: (وَتَرَاهُمْ يَنظُرونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)، أي أنهم بعد أن يستمعوا إلى الهدى مشدوهين متحيرين، يأخذهم نور الحق حيث يفكرون ويتدبرون ولكن لَا يلبثون أن يغلبهم التقليد وزيف الباطل، فيترددون وتصيبهم حيرة بين ماضٍ ألفوه، وحق بزغ نوره فغلب ضياؤه فعميت أعينهم عن أن ترى.

وقد صور الله - سبحانه وتعالى - بهذه الجملة السامية (وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)، أي تراهم ينظرون إليك، وما تدلي به من بينات باهرة، وأمارات للحق ظاهرة، (وَهُمْ لَا يبْصِرونَ) أي إبصار تأمل وتدبر في آياته، فهم المبصرون الذي لَا يرون، والناظرون الذين لَا يعرفون ما ينظرون إليه، فهم في حيرة أدت إلى ضلالهم.

وهذا استعارة تمثيلية، فقد شبهت حالهم التي يلوح لهم فيها الحق ولا يعرفونه، ويبرق لهم النور ولا يعرفونه، بحال الذين ينظرون ولايبصرون، لأنها رؤية لَا ترى الحق ولا تضع أيديهم عليه، فهم في ضلال مبين، والله - سبحانه وتعالى - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

* * *

الدعوة إلى الله

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>