للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: (يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) من حرب وإيذاء، ولبس الحق بالباطل، وكل ما كان منهم من جرائم في جنب الله، فالله غفور رحيم، وما ارتكبوا من زور وربا موضوع، وكل دماء الجاهلية موضوع، فكل هذا داخل في قوله تعالى (يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ).

وقرر الفقهاء أن الحربي إذا أسلم لم تبق عليه تبعة من حقوق الله تعالى، لأنه إذا غفر الشرك فما دونه أولى بالغفران، إلا ما كان من حقوق العباد كديون عليه، أو أكل مال بالباطل أو نحو ذلك، والذمي إذا أسلم فإن الحدود تقام عليه وحقوق العباد تجب على العباد؛ لأن ذلك يلزمه بمقتضى عقدا الذمة، والإيمان يؤكد الالتزامات ولا يسقطها.

وقوله تعالى: (وَإن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سنَّتُ الأَوَّلِينَ) ظاهر النص إن يعودوا إلى الكفر بعد الإيمان فإن معاملة الكافرين تعود إليهم، فمعنى (فَقَدْ مَضَتْ)، أي فقد تقررت سنة الأولين، وهي معاداتهم لله تعالى، منزل بهم ما نزل بالأولين من إخضاعهم للحق بالمحاربة وتنكيس رءوسهم، وإقامة الحق، أو تدمير ديارهم بزلزال مدمر أو حاصب من السماء، وإن سنة الأولين إما سلم مخزية، أو حرب مجلية، كما في بدر، أو ريح عاصف أو سيل عالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>