للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فى الشديدة في غزوة الأحزاب، وقد تألبت عليه الجزيرة العربية كلها وتحزبت عليه، وقد جاءوا ليقتلعوا الإسلام من المدينة فرد الله الذين كفروا بغيظهم ولم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال.

ثم قال تعالى: (وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ) أي هؤلاء الذين ينقضون العهد، في كل مرة يعاهدون الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لا يتقون) وقد أطلق عدم الاتقاء فلم يذكر أنهم يتقون الله، أو يتقون أذى الناس، أو يتقون نقض فهو سبحانه أطلق عدم الاتقاء، أي من صفاتهم التقوى وتقدير الأمور، وتقدير معنى الوفاء بالعهد، فإنه لَا يصح نقض العهد لأي سبب؛ لأنه يفقد الثقة، وفقد الثقة يؤدي إلى ضعفهم، ولقد قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١).

ولا شيء يضعف الجماعات أكثر من النكث في العهود؛ لأن الناس لا يثقون، ويكونون جميعا إلبا لبعض، وتعد فاسدة الأخلاق، ولا تكون لها قوة أبدا.

وقد رأينا ذلك في الدول في الماضي، ونراه الآن؛ ولذا يقول تعالى:

(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَكَانَ مَسْئولًا).

وإذا كان الكافرون لَا يثقون في عهد عهدوه، ولا ينفعون بل يضرون، فلابد لحملهم على الحق من القوة الغالبة، والقهر الذي يرهبهم؛ ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>