للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

راغبين في أدائها، أي أنهم في هذا المظهر الذي لَا يتوافق فيه العمل مع القلب يتثاقلون فيه؛ لأنهم ما داموا كفارا فمانهم ليس منهم صلاة مقبولة أو صلاة قط، لهذا ترد عليهم نفقاتهم، فكيف تكون صلاة، إنما مظهرها صلاة، فهم حتى في هذا يقومون كسالى، وهي جمع كسلان كسكارى جمع سكران، وغيارى جمع غيران، كما يقول الزمخشري في الكشاف.

ومهما يكن وصفهم بأنهم يقومون بالصلاة كسالى فإن صلاتهم من الصلاة التي يكون لهم الويل فيها، كما قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧).

والأمر الثالث هو في إنفاقهم بينه سبحانه وتعالى بقوله: (وَلا يُنفِفُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) أي لَا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة إلا وهم غير راغبين، بل ينفقون كارهين النفقة في ذاتها، أو لموضعها، ولا يفعلون ذلك إلا سترًا لنفاقهم، ويتخذونه وسيلة للتمكن من الخداع الذي يقصدونه.

ولا تعارض بين هذا النص الذي حصر إنفاقهم في حال نفسية واحدة، وهي كراهية الإنفاق، وعدم الرغبة فيه لشح في أنفسهم، ولكراهية المؤمنين.

فهذه الآية تدل على ذلك، وأما الآية السابقة فمؤداها نفي القبول، ولو أنفقوا طائعين أو ملامين بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو نقول طائعين رغبة لَا في الإنفاق لذات الإنفاق، بل رغبة في الخديعة وستر حالهم من جبن وإرادة الفساد، أو كارهين لهذا الإنفاق.

فالمنافقون كانوا إذا طلب منهم النفبر جبنوا وامتنعوا وتمردوا، ورضوا بالمال كما فعل الجد بن قيس فيما قصصنا من قبل، إذ امتنع وتعلل بأنه ضعيف أمام نساء الرومان بني الأصفر، ويخشى الفتنة، وقال: هذا مالي خذوا منه ما تشاءون، ووصف الكاره ينطبق عليه؛ لأنه يكره الإنفاق في سبيل الله، ووصف المختار ينطبق عليه أيضا لأنه اختاره.

<<  <  ج: ص:  >  >>