للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم ناس كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم حروب، وكان فيهم مقاتل في الحرب المحمدية، وكان لابد من أن تطيب نفوسهم، وترضى قلوبهم وتحل المودة محل الخصام والنفرة فأعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم أبو سفيان وأولاده وعلى رأسهم معاوية ابنه، ولعل هذا العطاء لهؤلاء فيه معنى الديات.

وهل هذا الصنف بقي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ نقول إنه باق ما بقي الإسلام إذا احتاج إليه المؤمنون، بل نقول إن الحاجة إلى تأليف القلوب باق ما بقي الإسلام، وإنه لباق إلى يوم الدين.

وإن عمر لم يلغه أو ينسخه كما ادعى الكتَّاب، وإنما فِعْلُ عمر أنه منع استمرار العطاء لبعض الناس؛ لأنه لم يكن ذلك حقا مكتسبا لهم.

وإنه ممن ينطبق عليهم لفظ المؤلفة قلوبهم أولئك الذين يسلمون، فيخرجون من أهليهم أو قومهم، ولا يجدون ما يستطيعون أن يقيموا لأنفسهم أسرة أو يحرمون من مناصبهم، فإنه يجب أن تؤلف قلوبهم بتعويضهم عما خسروا بإسلامهم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، وإنه يجب أن ينفق على الدعوة الإسلامية من سهم المؤلفة قلوبهم؛ لأن المقصد الأصلي من المؤلفة قلوبهم هو تثبيت الإسلام في قلوبِ لم يستقر فيها الإيمان، والله سبحانه وتعالى هو الموفق للحق.

الصنف الخامس: ذكره الله تعالى بقوله: (وَفِي الرِّقَابِ) أي الإنفاق لفك الرقاب؛ لأن دين الحرية لَا يرضى بالرق، وقد عمل على الحد من أسباب الرقيق فألغاها كلها إلا الرق في الحروب فقد تركه؛ لأن الأعداء يسترقون من أسرانا، وقد أمرنا الله تعالى أن نرد الاعتداء بمثله فقال تعالى: (. . . فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. . .).

ومع أن الرق قد بقي في هذه الحدود الضيقة، فقد حث على العتق، وجعل له في الزكاة نصيبا مفروضًا، يعان به المكاتب لفك رقبته، والمكاتب هو الذي اتفق

<<  <  ج: ص:  >  >>