للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى قراءة الرفع، وهي قراءة يكون العطف فيها على (أُذُنُ)، أي هو أذن خير لكم، وأذن رحمة للذين آمنوا منكم، والضمير في (لَكُمْ) و (مِنكُمْ) يخاطب به المنافقين.

ووجه الخيرية لهم أنه يتستر عليهم بقبول كلامهم، وذلك خير لهم من أن يتجهم لهم فيفضحهم، ويكشف سوءة نفاقهم، وقوله: (للذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ) أي من أهليكم وذوي قرابتكم، ومن كانوا في الأصل منكم وهداهم الله تعالى فلا يكشف عن نفاقكم بإِظهار القبول لكلامكم، وإن كان يعلم أنكم لكاذبون لكيلا يضار هؤلاء، وعندما ظهر أمر المنافقين ولم يعد خفيا ذهب ابن عبد الله بن أبي رأس المنافقين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له: إن كنت قاتلا فدعني أقتله، حتى لا أحمل ضغنا لمؤمن، فكان كتمان أمرهم، وعدم مجابهتهم بالتكذيب رحمة بهؤلاء الذين آمنوا منهم.

ثم ختم الله سبحانه الآية بذكر العذاب الأليم لمن يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

أظهر في موضع الإضمار لأن صدر الآية يبين أن موضوع الآية المنافقون الذين يؤذون رسول الله، فكان يصح أن يعود الضمير إليهم، ولكنه أظهر في موضع الإضمار، ليبين سبحانه أن سبب العذاب المؤلم هو إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذا قال جمهور الفقهاء: من سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كفر وعُدَّ مرتدا، وحلَّ قتله إلا أن يتوب، ولهم العذاب الأليم أي لكل من يؤذي رسول الله.

ولقد ذكر سبحانه وتعالى محاولتهم تكذيب ما يقال عنهم بالحلف، والحلف الكاذب شارة المهانة، كما قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ)،

فقال سبحانه وتعالى عنهم:

(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>