للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفى الكلام السامي إظهار في موضع الإضمار؛ لأنه سبحانه وتعالى قال عز من قائل: (وَسَتُرَدونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) ولم يقل - ولكلامه المثل الأعلى - (وستردون إليه) وذلك للإشارة إلى أن الأمر سيرجع إلى من لَا تخفى عليه خافية في السماء والأرض، والغيب ما غاب عن الحس، أو ما أخفته الصدور، وما أسروه في نفوسهم، فهو يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، والشهادة هي الأمر المعلن الذي تشاهده الجوارح مبصرة أو سامعة، أو باطنة، يعلم سبحانه كل شيء ما يسر وما يعلن، وما يظهر وما يختفى، سبحانه علام الغيوب.

وقد أشار سبحانه وتعالى إلى الجزاء الواقع لَا محالة فقال تعالت كلماته:

(فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الفاء) للإفصاح عن شرط مقدر، أي إذا كنتم ستردون إليه سبحانه فإنه ينبئكم أي يخبركم إخبار فعل وجزاء بما كنتم تعملون، فترون أعمالكم عيانا، تنطق بها جوارحكم، وكتابا منشورا قد سجل كل ما عملتم، لَا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فتجزى كل نفس بما كسبت. وإن هذا فيه تبشير للمؤمن، وإنذار للمشرك والمنافق، وأعمالهم كلها في كتاب.

وقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة لمن تخلف، وعصا، بعد ذلك ذكر أناس ممن تخلفوا لم يكتب عليهم الشقوة بل لَا يزال الباب مفتوحا للتوبة، فإما يتوبون، وإما يعذبهم الله على نفاقهم وتخلفهم، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>