للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلية، مهما تكن الأعمال الصالحة، فالعابد يستصغر ما يفعل في جنب اللَّه مهما يكن كبيرا، فيتوب عما يحتمل من وجود تقصير أو فوات طاعة واجبة.

وثانيا - أن الأخطاء التي لَا يؤاخذ عليها بحسن فرط طاعته، واستجابته لما يطلبه العلي الأعلى بأنها ما كانت تجوز، وأنها تخالف الطاعة المطلقة التي هي حق اللَّه على عباده، وخصوصا الأنبياء الذين هم صفوة خلق اللَّه تعالى.

وثالثا - أن محمدا صلى اللَّه تعالى عليه وسلم كان بمقتضى دين الفطرة، ومعالجة أحوال الناس، والجهاد في دعوة الحق، معرضا لأن يخطئ، لَا أن يذنب، ولفرط طاعته، واستقامة نفسه يحس بأن خطأه كالذنب، والرضا به لَا يتفق مع مقامه من اللَّه تعالى الذي يخاطبه.

ورابعا - أن التوبة يجب أن تكون خلة ثابتة من خلال المؤمنين؛ لأنها رجوع إلى اللَّه تعالى، والمؤمن لَا يجوز أن تغره الحياة، فلا يرجع إلى اللَّه تعالى، فالرجوع إلى اللَّه بالتوبة يجب ألا يغفل المؤمن عنها؛ لأنها في ذاتها تجديد للإيمان، وتذكير بالطاعة المستمرة، وتوبة محمد سيد البشر دعوة للمؤمنين لأن يتوبوا كما قال تعالى: (. . . وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١).

وخامسا - أن النفوس كلما علت أحست بأن الهفوات كأنها ذنوب، فتلجأ تائبة بالإنابة إلى ربها، وهذا ما يقوله العلماء: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

وبهذا يتبين أن التوبة، والغفران والإحساس بالخطأ كأنه ذنب سمات الأبرار والعلو في مقام إدراك معنى الربوبية والعبودية، وليس نقصا في الذات النبوية ذات أفضل البشر.

وذكر بعد النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم المهاجرين؛ لأنهم الذين كونوا الخلية الأولى للإسلام، ولأنهم الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء نشر

<<  <  ج: ص:  >  >>