للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد ذكر الحافظ ابن كثير المؤرخ المحدث أن جعفر بن أبي طالب، والمغيرة ابن شعبة قالا لرسول كسرى: " إن اللَّه بعث فينا رسولا منا نعرف نسبه وصفته، ومدخله ومخرجه، وصدقه وأمانته ".

وإنه إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من العرب، ومن أنفسهم، ودعوة إبراهيم، فإن الأثر الذي يترتب على ذلك، ويكون من جنس الأخوة المحبة - أن يكون رءوفًا بهم محبا لهم ورحيما، ولذا قال تعالى: (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) العنت الشدة، ويقول ابن الأنباري أصل العنت الشديد.

فإذا قالت العرب فلان يتعنت فلانا ويعنته فمعناه يشدد عليه ويلزمه يما يصعب عليه أداؤه.

والمعنى يعز على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بعث إليكم بالملة بالسمحة السهلة ملة إبراهيم أن يكون في شريعته ما يعنتكم ويصعب عليكم. فدينه دين الفطرة يساوقها، ولا يعنتها، وقوله: (مَا عَنِتُّمْ) أي عنتكم، فـ (ما) مصدرية هي وما بعدها مصدر وقد وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أوصاف للمؤمنين من العرب وغيرهم؛ لأنه بعث للناس كافة.

أولها - أنه عزيز عليه عنتهم، فالشريعة التي جاء بها من عند اللَّه سهلة لا مشقة فيها تعلو على الطاعة وفيها الاعتدال الكامل، وليس فيها إرهاق للنفوس، ولا للأجسام، والعقول تدركها وتعرفها.

الصفة الثانية - وهي من أعلى صفات البشر أنه رءوف والرأفة انفعال النفس بالمحبة والرفق بالناس، وهي صفة ضد الفظاظة والغلظ، وهما ينفران ولا يقربان، ولقد قال تعالى: (. . . وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>