للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) (ثُمَّ) هنا لمعناها من الترتيب والتراخي، وأن التراخي فيها يدل على تعدد الأجيال وكثرتها وما تركته من عبر وآثار تدل على عاقبة أمرهم، وهم على مقربة منهم يسيرون في أرضهم، و (خَلائِفَ) جمع خليفة وهم الذين يسكنون في مساكنهم كما قال تعالى:

(وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكمُ الأَمْثَالَ).

إن هذه الخلافة في الأرض التي فيها العبر والرسوم الدالة على مآل الذين ظلموا فيها وقاوموا الأنبياء وكذبوهم، وهي كافية لاعتبارهم واهتدائهم إن غلبت عليهم الهداية، أو ضلالهم إن غلبت عليهم الشقوة؛ ولذا قال تعالى: (لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)، (اللام) للتعليل أو الغاية، وهي هنا للغاية، وضمير المتكلم وهو اللَّه ذي الجلال والإكرام، والنظر من اللَّه تعالى لأمور أنها واقعة لَا أنها متوقعة، فهو يعلم الأمور كلها ما حضر وما غاب وما كان وما يكون، والنظر هنا إلى ما هو واقع أهو الهداية والاهتداء أم هو الضلالة والابتعاد؛، و (كيف) استفهام عن حالهم وواقعهم هدى أم ضلال.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>