للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقت في صالحه فالمحاورة مستمرة وطلب الدليل بعد الدليل يحسبون أنهم بذلك قد فازوا بالوقت.

(لَوْلا) بمعنى " هلَّا " للتحضيض، كأن الحجة التي ساقها النبي غير كافية وكأنهم يتحدونه - صلى الله عليه وسلم - أن يُنزل بهم مثل ما نزل بغيرهم ممن قص قصصهم، فالمطلوب إذن آية حسية تقنعهم - في زعمهم - أو تهلكهم.

ومعنى إنزالها - إتيانها - تشبيها بالقرآن إذ نزل على قلبه الأمين، ولكن المعجزات الحسية قد جاءت للأنبياء السابقين وكذبوا، فما الجدوى من التغيير؛ يقول تعالى: (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ. . .).

(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ. . .).

(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧).

إنهم كانوا ليستعجلون العذاب الذي نزل بالمكذبين قبلهم مبالغة في التحدي والإعنات، بل طلبوا الآية المهلكة.

يقول تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (٦).

وقد أجابهم - صلى الله عليه وسلم - بأمر ربه: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للَّه فَانتَظرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ).

" الفاء " تدل على أن ما بعدها مترتب على قولهم الذي قالوه: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ) أي إن ما تطلبون معجزة كان أم هلاكا هو أمر يغيب عني ومفوض لربكم؛ ولذلك جاءت العبارة القرآنية مصدرة بـ " إنما " الدالة على القصر، وفي هذا إشعار بأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>