للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)

وصف اللَّه سبحانه وتعالى القرآن أوصافا تنفي الافتراء، وبين مقامه في الكتب السابقة وأنه مصدق شاهد بها، وبعد ذلك أخذ يبين مقام المشركين منه وهو ادعاء افترائهم الذي هو منفي عن القرآن لذاته فقال سبحانه: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ).

(أَمْ) يقول بعض المفسرين: أنها هنا في معنى الهمزة للاستفهام. والأولى أن تقول أن " أم " تتضمن معنى الاستفهام كما تتضمن الانتقال من الحقائق المقررة الثابتة التي لَا ريب فيها إلى الاتجاه إلى المشركين وأوهامهم بالنسبة للقرآن العظيم (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) أي ننتقل من الحق الجليِّ إلى أوهامهم فنسألهم: أتقولون افتراه؟! والاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الواقع، فهو توبيخ لهم على ادعاء الافتراء، وقد قامت أدلة الصدق، ووقع الحكم بأنهم مبطلون في ادعائهم وافترائهم، وتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله ليظهر كذبهم وأنهم المفترون على اللَّه تعالى ونبيه - صلى الله عليه وسلم - والحق، ولذا أمر سبحانه محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوهم لأن يأتوا بسورة من مثله، أي مما ترون أنه مثله، فأتوا بسورة منه، فهم يدعون أنه مفترى افتراه محمد - صلى الله عليه وسلم - فليأتوا بسورة من مثله إن كان له مثل.

إن محمدا بشر مثلهم فإذا كان قد افتراه فأنتم بشر مثله فأتوا بسورة من مثله، ويصح أن نقول أن (مِن) بيانية ويكون المعنى ائتوا بسورة منه، أي من جنسه، ولعل ذلك أظهر.

وقد تحداهم اللَّه أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات فعجزوا، ثم نزل فتحداهم أن يأتوا بسورة فعجزوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>