للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتوقع هو ما يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوقعوه ويتصوروه، وإلا فهم مكذبون مستهزئون.

و (ثُمَّ) متأخرة والتقديم للاستفهام؛ لأن له الصدارة وتقدير القول أنه إذا ما وقع ورأيتموه رأي العين في الآخرة آمنتم به وصدقتموه، وقد قضى زمن التكليف وانتهت دار الابتلاء وجاءت دار الجزاء، إنه إيمان لَا ينفع.

ثم أردف سبحانه ذلك بتوبيخهم على تأخرهم في الإيمان واستعجالهم العذاب فقال سبحانه: (آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلونَ) أي تؤمنون به في هذا الوقت المتأخر وقد كنتم مكذبين وتستعجلون مُتحدين أو متهكمين أو ساخرين، فالاستفهام إنكاري توبيخي، والتوبيخ من نواح ثلاث:

أولاها - من ناحية إنكارهم البعث.

ثانيتهما - من ناحية تهكمهم على من ينذرهم.

ثالثتها - أنهم لَا يؤمنون إلا في الوقت الذي لَا ينفع النفس إيمانها.

وقوله تعالى: (وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) يقول كثير من المفسرين التابعين للزمخشري: (تَسْتَعْجِلُونَ) معناها تكذبون، وإني أقول أنهم كانوا مكذبين حقيقة ولكن كانوا يستعجلون فعلا ولو بظاهر القول، ويكون ذكر الاستعجال تهكما بهم وتوبيخا لهم في قوله تعالى: (وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) جمع بين الماضي والحاضر، وهو دليل على استمرار استعجالهم التهكمي وتكذيبهم باليوم الآخر ووعد اللَّه تعالى بالجزاء.

هذه حال المكذبين وإيمانهم بعدم وقوع العذاب وإنكارهم لتوقعه ثم إيمانهم به بعد أن يروه، ثم يبين سبحانه وقوع العذاب وتمكنه منهم فيقول تعالى:

(ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>