للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)

أي لَا تنفعكم نصيحتي الصادرة لكم في إخلاص وإيمان بالحق إن أردت أن أنصح لكم وأخلص لكم مرفقا بكم غير مغلظ، (إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يغْوِيَكُمْ) أي إن كانت إرادة الله تعالى أن تستمروا في طريق الغواية وهي الضلالة حتى تنتهوا إليها، فأنا أريد لكم النصح والله يريد لكم أن تستمروا في طريق الضلالة وإرادته سبحانه هي النافذة.

ثم ذكر نوح أن الله تعالى هو الذي خلقكم ويعرف مآل أعمالكم وأنكم راجعون إليه ولذا قال: (هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْه تُرْجَعُونَ)، هو ربكم الذي خلقكم ويعلم ما تخفي صدوركم (وَإِلَيْهِ تُرْجَعونَ) إنذار لهم فالمرجع إليه وأنه لمحاسبكم على كل ما صنعتم محاسبة العليم الخبير السميع البصير، وقوله تعالى: (وَإِلَيْهِ ترْجَعُونَ) تدل بتقديم الجار والمجرور على أن المرجع إليه وحده، وإن في هذا القصص الحكيم الأمرين:

الأمر الأول: التخفيف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولبيان أنه لاقى النبيون مما لاقى هو، والعاقبة كانت لهم وحادهم المشركون بما حادُّوا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن ذلك عبء يحتمل في سبيل أداء الرسالة الإلهية إلى خلق اللَّه تعالى، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>