للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)

جاء رسل الله الملائكة الأطهار في صورة أناسي مشرقة وجوههم متكاملة صورهم، فساء مجيئهم لوطا، إذ هو يعلم من قبل ما عليه قومه من فساد، ولذلك ساءه ذلك المجيء المفاجئ وعبر اللَّه تعالى عن ذلك بكلمة (سِيءَ) بالبناء للمجهول لبيان أنه داخل نفسه السوء من كل ناحية، ثم أردف ذلك بقوله تعالى: (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا) وكلمة (ذَرْعًا) تمييز محول عن الفاعل، والمعنى ضاق بهم ذرعه أي باعه، وهذا التعبير تصوير لضيقه بصورة حسية كمن يضيق باعه فلا يستطيع أن يتحرك دافعا شرا داهما، (وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي شديد وقد قال الشاعر فيما يدل على الشدة في كلمة (عَصِيبٌ) يوم عصيب يوجب الإبطالا، ولقد جاء في معنى (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا)، أصله أن يذرع البعير بيديه ذرعا في سيره على قدر سعة خطوه، فإذا حُمِّل أكثر من طوقه ضاق عن ذلك وضعف ومد عنقه فضيق الذرع، فضيق الذرع كناية عن ضيق الصدر، وهذا تخريج آخر، والقرآن الكريم حمال لكل وجوه القول البليغ.

هذا ما كان من أمر نبي اللَّه لوط وقد توقع الشر من قومه، أما ما كان من قومه فقد قال تعالى فيهم:

(وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>