للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان كلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة، وهو واقف عليه وكلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها، وهكذا حتى زم بناء جدران الكعبة ".

ويقول ابن كثير في موضعه الذي وضعه - إبراهيم بعد البناء: " وقد كان هذا المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما ومكانه معروف اليوم إلى مكان الباب مما يلي الحجرة يمين الداخل من البقعة المستقلة هناك، وكأن الخليل عليه السلام، لما فرغ من بناء الكعبة، وضعه إلى جدار الكعبة أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك، ولهذا - والله أعلم - أمر الله تعالى بالصلاة عند الانتهاء من الطواف وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة ". اهـ

وبهذا تبين أن مقام إبراهيم هو الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم لإتمام البناء، ولما أتمه وضعه بجوارها، وكأن الصلاة عقب الطواف عنده حيث انتهى إبراهيم من البناء وحيث انتهى الطائفون من طوافهم. ولقد جاء في العام السابع عشر من الهجرة سيل شديد نقل الحجر من موضعه فهال ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وركب إلى مكة وتحري الموضع الذي كان فيه الحجر فوضعه فيه رضي الله تعالى عنه. لقد أقام البناء للبيت العتيق نبيان، وبهذا البناء بنيا مجد العرب، وبنيا أمنهما ومكان عبادة الناس، ومثابتهم التي يستقبلونها فيحيطون بها.

وقد بنياه طاهرا، مطهرا، وعهد الله تعالى إلى اللذين بنياه أن يقوما على استمرار طهارته ليتحقق الغرض الأول، وهو أن يكون مقصدا للحجيج الطائفين والذين يجاورونه عاكفين على العبادة فيه، فقال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُكَّعِ السُّجُودِ).

والعهد في هذا النص السامي، من عهد إلى هذا برعاية بيته أو أهله في غيبه.

فمعنى (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعيلَ)، أي جعلنا لهما عهدا وفوضناهما برعاية البيت إنشاءً وتطهيرا وقوله تعالى: (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ) تفسير للعهد المذكور، وتطهيره

<<  <  ج: ص:  >  >>