للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أى أن الفريق الظالم اتبع ما أترفوا فيه أي اتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه من الهوى والشهوات بكل أنواعها شهوة السلطان والجاه، وشهوة الاقتراب من الحكام، والازدلاف إليهم، وشهوة التحكم في الضعفاء، وشهوة الأثرة، وفي الجملة الترف كل ما يتنعم به من مادة، ومن أمور أخرى.

والترف والأثرة متلازمان، فحيثما كان الترف كانت الأثرة؛ لأن من يطلب النعم لَا يهمه إن كان من طيب أم كان من خبيث، وأكان باعتداء أم كان من غير اعتداء.

وإن المترفين الأثرين هم دعاة الشر دائما، ويقول تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦).

وقوله تعالى: (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ) فيه أمور ثلاثة:

الأمر الأول: اتبع أي طلبوه، وساروا وراء الترف لَا يلوون عنه.

الأمر الثاني: ذكر أنهم ظلموا، أي تجاوزوا الحد، واعتدوا، ودفعهم ظلمهم إلى هذا الاتباع.

الأمر الثالث: أنهم اتبعوا الترف وشهوات الترف، فهذا كقوله اتبعوا الشهوات.

ولقد وصفهم - سبحانه وتعالى - مسجلا عليهم الإجرام، والآثام، فقال: (وَكَانُوا مُجْرِمِينَ) أي استمروا في ماضيهم متجمعين على الإجرام، حتى صار الإجرام وصفا ملازما لهم.

وإن هذا الإجرام، والسكوت عن النهي على الفساد، وترك الأشرار يرتعون، وترك الظالمين يترفون يجعل الأمة كلها فاسدة وظالمة، وبذلك تهلك، ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>