للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: (مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ) أي أخبارهم ذات الشأن كدعوتهم إلى التوحيد، ورد أقوامهم، ومعاندتهم، ثم نزول الهلاك بهم، بعد أن استيئس الرسل، ووقع في نفوسهم أنهم كذبوا، ولا علاج في رشدهِم، وإقرار اللَّه تعالى لما آل إليه أمر هؤلاء المكذبين كقوله لنوح: (. . . أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ. . .) وذكر اللَّه تعالى، ثمرة هذا القصص الذى يقصه تعالى من أنباء المرسلين، فقال عز من قائل:

(مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).

فكأن الثمرات لهذا القصص الصادق ثلاث:

الأولى. تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إزاء إنكار المشركين وإيذائهم للنبي عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين فإن أولئك الرسل أوذوا كما أوذي، وكانت الباقية لهم وللمتقين فليطمئن النبي عليه الصلاة والسلام إلى العاقبة، ولا يغرنك تقلبهم في البلاد فالعاقبة لك ولأصحابك، ومعنى تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم -زيادة تثبيته بأنه لم يكن بدعا من الرسل، وإذا كان اللَّه تعالى قد عذب أقوام الأنبياء الصادقين بالعذاب الذي يجتث من فوق الأرض العصاة، فإنه سيعذب قومك بأمر إرادي كذلك لينتفى الظالمون، فيحصدون بالسيف، ويبقى غيرهم ممن يرجى أن يكون منهم أو من أصلابهم من يعبد اللَّه.

الثانية: الموعظة، وهي الاتعاظ بمن أنزل اللَّه تعالى عليهم العذاب، والاتعاظ طريق الإيمان، ومن لم يتعظ بغيره، فالبلاء في نفسه شديد، وهذا الاتعاظ للمؤمنين أي الذين في قلوبهم اتجاه إلى الإيمان.

الثالثة: الذكرى، أي التذكر الدائم المستمر لما نزل بالأقوام الظالمة.

وهذه أيضا للمؤمنين والذين يتجهون بقلب مدرك للإيمان، هذه ثمرات القصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>