للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن الحكمة معناها حسن التدبير للأمور، وفهمها وفقه الدين، ومعرفة أسراره، وفي الجملة هي المعنى الجامع لصفة الإسلام وإدراك غاياته، وعلاجه للأمور، وسياسة الناس، وتصريف الأمور معهم، وكانت جلسات النبي - صلى الله عليه وسلم - تحوي الكثير من أدب النفس، وتعليم لياقة المجتمع والتقريب والتأليف بين النفوس، وكل ذلك من الحكمة النبوية حتى لقد قال أبو حنيفة: إن ساعة في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - تغني عن فقه سنين. وإن عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد تلاوة الكتاب وتعليمه تزكية النفوس وتنميتها وتطهيرها فقال تعالى: (وَيُزَكِّيهِمْ) أي يطهرهم من رجس الجاهلية وينميهم، بمعنى ينمي فيهم قوة الخلق وقوة الدين، وما يكون سببا لنمو عددهم وشيوع أمر الإسلام، وبقائه خالدًا قائمًا.

وإنه يستفاد من هذا أن القرآن الكريم يتعبد بتلاوته وأشار إلى ذلك قوله: (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ)، ويعلم الشرع منه؛ إذ فيه كله، ويشير إلى هذا قوله تعالى: (وَيعَلِّمهُمُ الْكِتَابَ).

وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يهذب النفوس، ويزكي القلوب بتعليم الحكمة والتزكية.

وقد ختم إبراهيم عليه السلام دعوته بالضراعة إلى ربه فقال: (إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) العزيز: هو ذو العزة. وتتضمن معنى القدرة والمنعة، والغلب، والسلطان، أي أنت الغالب المعز العزيز الحكيم المدبر المنظم للوجود، الواضع كل شيء في موضعه بإحكام.

وأكد هذين الوصفين بإنَّ المؤكدة، وبتوكيد القول، بقوله " أنت "، وبتعريف الوصفين الدال على اختصاصه سبحانه وتعالى بالعزة والسلطان، فلا عزة لأحد بجوار عزته، ولا سلطان لأحد بجوار سلطانه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>