للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) أعرض عنهم، لأن إخبار أخبار السوء، تضر ولا تسر، فانكفأ على نفسه، والأسِف الحزين الذي يملأ نفسه الحزن، ويستغرق حسه، وهو يقول (يَا أَسَفَى عَلَى يوسُفَ)، وهي جملة تصور ألمه وحزنه، وكأنه ينادي الأسف والحزن؛ لأن هذا وقته، وذكر يوسف مع أنه رزئ رزءا جديدا بولديه شقيق يوسف وولده الأكبر الذي كان يشاركه في أحزانه وآلامه، وذلك لأن أمرهما معلوم، فهو يعدم أنهما على قيد الحياة، وأن أحدهما في الرق، والآخر قد رضي مختارا بالبعد، ويشاركه في الأسف، أما يوسف الحبيب فأمره مجهول لَا يدري أهو حي أم ميت، وأهو في تعب أم في راحة فرزؤه في يوسف كان عاقده المصائب، وكان غضبه آخذا بمجامع قلبه، كما عبر البيضاوي (١).

وقد اجتمع طول الأدهر التي مرت على يعقوب غربة ولده التي لَا يعلم له مآل وقلق مسمَمر، وحنان وشوق شديد إلى رؤيته وبكاء مستمر، دائب، وحزن عميق مؤسف، وانقسام بين أحبابه وفلذة كبده، وكل هذه الآلام أثرت في بصره،


(١) انظر البيضاوي - ج ٣/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>