للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك عبدتم ما لَا يملك جلب خير لنفسه، ولا دفع ضر لها، فلا يستويان، كما لا يستوي الأعمى والبصير، والظلمات والنور.

و (أَمْ) في قوله (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ) للإضراب الانتقالي، فينقل اللَّه نبيه من السؤال عن استواء الأعمى والبصير إلى السؤال عن استواء الظلمات والنور.

وينتقل آمرا نبيه بأن يسألهم سؤالا إيجابيا عن الخلق عساهم يشركونهم في الخلق بدل التوحيد الذي قرروه من قبل فقال: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) (أَمْ) هنا للإضراب الانتقالي، وهو استفهام إنكاري لإنكار الواقع، أي توبيخ لهم لأن حالهم فيها إنكار؛ لأن اللَّه خالق كل شيء، إذ إنهم يؤمنون بالأوثان كإيمانهم باللَّه أو أشد، فحالهم حال من جعلوها شركاء للَّه تعالى في خلقه وإنشائه للوجود، حتى تشابه الخلق عليهم، فحسبوا أنهم خلقوا كما خلق.

والخلاصة أن حالهم ليست حال من يعتقد أن اللَّه تعالى خالق الوجود وحده سبحانه؛ لأنهم يشركون بل يفردون الأوثان بالعبادة.

ولذا أمر اللَّه تعالى نبيه أن يؤكد أنه سبحانه وتعالى خالق كل شيء وحده، ولذا قال تعالى: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) اللَّه تعالى هو الخالق لكل شيء (وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) أي الواحد الأحد الفرد الصمد القاهر الغالب لكل شيء، وهنا إشارة بيانية وهي قوله تعالى: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ) معناها أن ذلك مثل جعلوه، وزعم زعموه، وهو أنهم شاركوا اللَّه في الخلق، ولم يستطيعوا تمييز عمل أوثانهم عن عمل اللَّه، فتشابه الخلق عليهم، ولم يميزوا بينها.

وإن ذلك الفرض أخذ من حالهم في عبادة الأنداد مع إقرارهم بأن اللَّه تعالى خالق كل شيء سبحانه وتعالى. وبعد أن بيّن سبحانه وتعالى إقرارهم بأنه خالق السماوات والأرض، ومناقضة حالهم لهذا الإقرار - بين سبحانه فضله الدائم المستمر المثبت لربوبيته الكاملة فقال تعالت كلماته:

<<  <  ج: ص:  >  >>