للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنذكر كلمات موجزة عن هذه الصفات الثلاث:

فأما الأولى، فهي: أن يصلوا ما أمر اللَّه به أن يوصل، فنقول: إن ما أمر اللَّه به أن يوصل هو ما يتعلق ببناء المجتمع على المودة والرحمة، فيصل قرابته القريبة والبعيدة، فقد أمر سبحانه وتعالى بصلة الرحم، فقال: (. . . وَأُولو الأَرْحَامِ بعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ. . .)، وأمر على لسان رسوله بصلة الأرحام في أكثر من حديث، وأمر بالصلة بين الناس بالتعاون فيما بينهم على الخير، فقال تعالى: (. . . وَتَعَاوَنوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنوا عَلَى الإِثْمِ والْعُدْوَانِ. . .)، ودعا إلى إقراء السلام على من عرفت ومن لم تعرف، وأمر بإغاثة المستغيث، وفك كرب المكروبين. فكل هذه صلات قد أمر اللَّه تعالى بوصلها. ولقد جاء في الكشاف للزمخشري ما نصه: ما أمر اللَّه به أن يوصل من الأرحام والقرابات، ويدخل فيه وصل قرابة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمان (إِنَّمَا الْمُؤْمِنونَ إِخْوَةٌ. . .)، بالإحسان إليهم على حسب الطاقة، ونصرتهم، والذب عنهم، والشفقة عليهم، والنصيحة لهم وطرح التفرقة بين أنفسهم، وإفشاء السلام عليهم، وعيادة مرضاهم، وشهود جنائزهم، ومنه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر) (١).

وهكذا نجد من الأمر بأن يصل ما أمر اللَّه به أن يوصل، أن يعملوا على رأب الصدع وجمع الوحدة، وإزالة الفرقة، وأن يحسنوا إلى الضعفاء والمساكين، وقد روى ابن كثير عن عبد الله بن عمر أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره، لَا يستطيع لها قضاء، فيقول الله تعالى لمن يشاء من الملائكة: إيتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة: نحن سكان سمائك، وخيرتك من خلقك، فتأمرنا أن نأتيهم فنسلم عليهم، فيقول: إنهم كانوا يعبدونني لَا يشركون


(١) الكشاف للزمخشري: ج ٢/ ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>