للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء المسلمين قال: إن إدراك اللَّه تعالى تدركه البديهة السليمة، لذا سمي دين التوحيد، فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها. وقد نص على عهد اللَّه في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤).

ولم يشرك الناس بعد هذا العهد الذي أخذ بمقتضى الفطرة، بل وثَّقه بميثاق، ولذا قال تعالى: (مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِه) وهذا الميثاق الذي وثق به الرسل الذين أرسلهم مبشرين ومنذرين (. . . وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِير)، وقال تعالى:

(. . . وَمَا كنَّا مُعَذِّبِين حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا).

ولقد جاءت النذر بهلاك الأمم التي فسقت عن عهدها، فكان ذلك توثيقا بعد توثيق، وإنذارًا بعد إنذار، ومع ذلك نقضوا عهد اللَّه من بعد ميثاقه. الصفة الثانية: قطعهم ما أمر اللَّه به أن يوصل من الأرحام، والعلاقات الاجتماعية الفاضلة على ما بينا في معنى قوله تعالى في صفات المؤمنين:

(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يوصَلَ).

الصفة الثالثة: أشار إليها سبحانه وتعالى بقوله: (وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ) الفساد في الأرض ألا يقوم فيها النظام الاجتماعي على التكافل بين الآحاد، ومعاونة بعضهم، وألا يستعلي قوي على ضعيف، وألا يندغم الضعفاء في الجماعة، وألا يراعى لهم حق، وأن يكون التفاوت الظالم بين الآحاد، وألا يكون ضابط يحمي الضعفاء من الأقوياء والأغنياء من الفقراء، وأن يسود الظلم من الحكام لرعاياهم، فإن ذلك فسادا أي فساد، وقد رأينا حكاما ظالمين يقتلون الرعية بغير حق إلا أن يقولوا ربنا اللَّه، واللَّه أكبر، ويدعون أنهم يصلحون وهم المفسدون، لأن أساس كل نظام العدل. إفساد أي حكم بالظلم أولا، وما يتبعه

<<  <  ج: ص:  >  >>