للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والملابس والمساكن اليدوية والأخشاب وغير ذلك (رِزْقًا) بمعنى مرزوق كمطحن بمعنى مطحون، أي أنه يرزقكم إياه ويجيء إليكم سهلا بغير مشقة إلا العمل الذي يكون سببا مقترنا بالعطاء وليس منشئا له، فاللَّه هو الرزاق ذو القوة المتين.

و (مِنَ) في قوله: (مِنَ الثَّمَرَاتِ) بيانية لتنوعها، والمعنى فأخرج من الثمرات المتنوعة المختلفة الفوائد التي ترجع بأحسن الفوائد.

وإن هذه الثمرات تنقل من أرض إلى أرض، وإنه ثبت الآن أن خير السبل البحار وما كان ذلك معروفا عند العرب، بل النقل عند العرب كان بالجمال التي كانت تسمى أو سميت سفن الصحراء، ولكن القرآن أُنزل من حميد يعلم ما كان وما يكون، فهو يعلم أنه سيكون زمن يكون النقل بالبحار في جُلِّه، وفي الأرض في قله؛ ولذا قال عز من قائل: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأمْرِهِ) ومعنى سخرها مكَّن الإنسان من صناعتها واستخدامها وجعلها تعلو في البحر سائرة من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق، حاملة خيرات وفيرة من أرض إلى أرض أخرى، هذه الخيرات كثيرة، وبذلك تكون الخيرات موزعة في الأرض بالقسطاس لولا ظلم الإنسان.

(وسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ) وهي المجاري العذبة كنهر النيل ودجلة والفرات وسيحون وجيحون، ومعنى سخرها سهلها وتكون في البلاد التي تقل أمطارها، ولا يكفي ما تنزل السماء من ماء لسقيها وزرعها، وسمي النهر نهرا لأنه ينهرها ويشقها ويجري فيها، والأنهار الكبار تمخر فيها السفن كالبحار، واللَّه هو الرزاق.

بعد أن ذكر سبحانه ما سخر في الأرض من اقترانها بالسماء أخذ يبين للإنسان من أجرام السماء فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>