للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سألتموه، أما ما احتجتم إليه، وكانت حالكم حال من يسأله إياه، وإن لم يسأل باللسان بل سأله بالاستعداد والتكوين، فأعطاكم الكساء والغطاء واللباس والوقاية، ومكنكم من أن تتسلحوا ضد من يغير عليكم من سباع الأرض حيوانات أو أناسي، وغير ذلك، والبعضية بعضية أنواع أي بإعطاء بعض كل نوع من الأنواع تسألونه بمقتضى الفطرة والتكوين والحاجة الفطرية، وعلى أن (مِّن) بيانية، يكون المعنى أعطاكم كل ما سألتموه بمقتضى الاستعداد والفطرة على ما بيَّنا، وإن ذلك واضع جمع فيه بين الكلية في كل - ومعنى العطاء.

وعلى قراءة التنوين: يكون ثمة مضاف محذوف دل عليه التنوين، والمعنى آتاكم من (كل) شيء سألتموه، أي بمقتضى أصل التكوين، وتكون القراءتان متلاقيتين على تخريج (مِّن) بأنها بيانية.

ولا أرى موجبا أو داعيا لأن نقول: إنها نافية، واللَّه أعلم.

وإن هذه وما سبقها من نعم هي نعم الإنشاء والإبقاء، فقد أنعم بالإنشاء وأنعم سبحانه وتعالى بالإبقاء مستمكنا من كل شيء حتى يكون اليوم الآخر يوم الجزاء لمن شكر بالنعيم المقيم، ولمن كفر بالعذاب الأليم.

وقد أشار سبحانه إلى أن الإنسان يكفر النعمة ظلما، كما قال تعالى في آية أض ى: (. . . وَقَلِيلٌ منْ عِبَادِيَ الشَّكورُ).

وقد قال تعالى: (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) ظلوم صيغة مبالغة من الظلم، أي أنه ظالم أبلغ الظلم بظلم نفسه بالكفر وغمط حق غيره، والاعتداء على الناس وعلى الحقائق، والاعتداء بعبادة الأوثان، و (كفَّارٌ) صيغة مبالغة في الكفر، وهو كفر النعمة وعدم شكرها، بل اتخاذها سبيلا لعتوه واستكباره وفساده في الأرض، وقد أكد اللَّه تعالى ظلم الإنسان بـ " إن "، وبـ " اللام " وبصيغة المبالغة في الظلم، وكفر النعمة، واللَّه محيط بالكافرين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>