للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجزء الثاني من الدعاء أنه دعا ربه مبتهلا إليه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام فقال تعالى حاكيا دعاءه: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) دعا - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ولبنيه أن يجنبهم عبادة الأصنام، فقوله تعالى: (أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) فيه (أَن) وما بعدها، مصدر وهو عبادة الأصنام، وذكر الفعل المضارع لتصوير عبادة الأصنام، وفى ذلك إشارة إلى قبحها وبعدها عن العقول.

وقول إبراهيم: (وَبَنِيَّ) واضح أنه لَا يشمل الذرية كلها لدلالة اللفظ على ذلك؛ ولأن الإجابة لم تكن للذرية كلها، فقد كان من هذه الذرية من عبد الأصنام، بدليل هؤلاء الذين نظر فيهم القرآن، وخاطبهم محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى أن يعبدوا اللَّه وحده لَا يشركون به شيئًا، فاللَّه تعالى لم يكن في إجابته سبحانه وتعالى ما يعم الذرية كلها.

ولقد كان إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - الذي كان أبوه صانع أصنام، والذي ابتدأ حياته بِحَطْم الأصنامِ، والذي قال: (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذَا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ. . .).

كان إبراهيم أشد الناس بغضا للأصنام وإدراكًا لضلال من يعبدونها؛ ولذا قال مؤكدا:

<<  <  ج: ص:  >  >>