للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ)، فهو نهي للتثبت، وتأكيد أنه لم يقع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفوق ذلك أن النهي إعلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه عالم بحالهم مُحصٍ عليهم سيئاتهم، وهو تهديد شديد لهم، كما يقول المجادل لمجادله: لَا تجهل أني عالم بكل أخطائك، فهو إعلام، وهو تهديد للمشركين.

وعبر بقوله تعالى: (الظَّالِمُونَ) فأظهر في موضع الإضمار لتسجيل الظلم عليهم؛ ولأن العقاب سبب الظلم، فهم أشركوا، والشرك ظلم عظيم، وآذوا المؤمنين والمؤمنات، وذلك اعتداء ظالم آثيم، وصدوا عن سبيل اللَّه، فلم يتركوا الناس أحرارا يعتقدون ما يرونه حقا.

وإذا كان اللَّه تعالى عالما بظلمهم مجازيهم على ما يفعلون من آثام، فهو لا يهملهم، ولكن يمهلهم، ولقد قال تعالى في ذلك: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِن كيْدِي مَتِينٌ)، وفي هذا النص السامي يقول سبحانه: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)

(إِنَّمَا) هنا أداة حصر، أي كان التأخير لأجل هذا اليوم الذي يكون شديدا، وفيه النفوس جميعا تكون في هلع وفزع، فليس التأخير لنسيان، أو غفو أو ترك، إنما التأخير هو ليوم كله عذاب الأجساد والأنفس، وإذا كانوا يمشون في الأرض مرحا، ويستهزءون ويرتعون ويلعبون ويسخرون من المؤمنين فسيكون عليهم يوم عسير شديد، وقد وصف اللَّه تعالى حالهم في ذلك اليوم فذكر لهم خمس أحوال كل حال فيها تنبئ عن فزع بذاته.

الحال الأولى: ما ذكرها سبحانه بقوله: (لِيَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)، أي العين تشخص لَا تغمض من هول ما ترى، فإن إغماض العين يكون من الدعة والاطمئنان، أما يوم القيامة يوم الفزع الأكبر، فإنه لَا يكون اطمئنانا ولا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>