للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد ذلك بين نعمته سبحانه وتعالى في الماء ينزل من السماء بأمره يكون منه حياتكم، ويكون منكم الشجر، و (الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١)، وذكر سبحانه تسخير الشمس والقمر والنجوم سخرها بأمره (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِّقَوْم يَعْقِلُونَ)، وسخر سبحانه ما خلق في الأرض من فلزات ومعادن يتخذ منها الحلي وتقام بها المصانع وألوانها مختلفة.

ووجه سبحانه وتعالى الأنظار إلى البحر وما فيه (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) من جواهر، وهو مع ذلك تجري فيه الفلك التي تمخر عبابهها به وجعل لكم (أَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦).

ذكر هذا لبيان خلق الله العظيم ومع ذلك يشركون في عبادته من لَا ينفع ولا يضر (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)، أي لَا حياة فيها.

وقد قرر الله سبحانه وتعالى الحق فقال: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) ولا ينكر حقيقة الألوهية ويضل في معرفتها إلا الذين يكفرون بالبعث، فقال سبحانه:

(فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ).

وقد أنكروا الوحدانية وأنكروا القرآن (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٢٥).

وقد ذكر سبحانه العظات فيمن مضوا، فقد مكروا مكرهِم، ودبروا تدبيرهم، وبنوا على ما دبروا أوهامهم، (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فخَرَّ عَلَيْهِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>