للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا)، فهو نوع من مجاراتهم حتى تكون النتيجة بالموازنة أنهم ليسوا كمن خلق فقط، بل هم دون من خلق أو بالأحرى دون من يعبدونهم.

ولقد ذكر الزمخشري أن سياق البيان كان أن يشبهوا هم بالخالق لَا أن يشبه الخالق بهم، فكان يقال أفمن لَا يخلق كمن يخلق، وقد أجاب عن ذلك، أن الاستنكار موجه إلى المساواة بين الخالق والمخلوق، فكأنَّهم جعلوه في ضمن المخلوقات، وقد يجاب عن ذلك أيضا بأن سياق القول في بيان الخلق، فكان موجبه أن يذكر الخالق أولا، وكأنَّهم ينزلونه من مرتبته التي لَا تناهد إلى منزلة المخلوق، وهذا في ذاته موضع استنكار.

ويختم اللَّه سبحانه الآية بقوله: (أَفَلا تَذَكرُونَ) يقال في (الفاء) هنا ما قيل في (الفاء) في قوله تعالى: (أَفَمَن يَخْلُقُ كمَن لَا يَخْلُقُ) والاستفهام لإنكار الوقوع مع التوبيخ، والتعبير (أَفَلا تَذَكَرُونَ) فيه إشارة إلى أن عبادة الأحجار من غفلة العقول، وإنها تتذكر وتذهب الغفلة، حتى تتنبه إلى حكم العقل وهو الوحدانية، وذلك حق، لأن عبادة الأوثان من سيطرة الأوهام التي تجعل العقل في غفلة تامة، كما ترى في هذه العصور عند بعض النصارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>