للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦)

إن أخذهم وهم لَا يشعرون يكونون وهم في مساكنهم مطمئنون أو قابعون في ديارهم وهم لَا يعرفون آثار مكرهم السيئات وتدبيرهم الفاسد لأهل الإيمان والكرامات، ولذا لَا يشعرون، وقد يأخذهم وهم متنقلون في الأسفار يسيرون في مسارها، ويتنقلون لمتاجرهم، وقد يأخذهم اللَّه وهم كذلك لَا يفكرون إلا في الكسب والخسارة والربح وسائر أبواب التجارة؛ ولذا قال تعالى: (أَوْ يَأخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ)، أي في انتقالاهم من بلد لبلد، يتقلبون في البلاد، والتقلب تعبير عربي قرآني يؤكد به الانتقال من بلد إلى بلد تاجرا، أو سائحا، وكان في ذلك مجازا إذ شبه التنقل من بلد إلى بلد بالكرة المتقلبة من وضع إلى وضع، وهي تنقله من مكان إلى مكان.

وإذا كانوا قد أحيط بهم، فهم في مأمنهم غير آمنين، وفي أسفارهم غير مطمئنين فهم في قبضة الله تعالى؛ ولذا فما هم بمعجزين الله تعالى أن ينزل بهم ما يريد، فاستقيموا على الطريقة، وإلا أخذكم أخذ عزيز مقتدر، كانت الصور السابقة في أخذ بالخسف أو العذاب من حيث لَا يشعرون، أو وهم في حال تقلبهم في البلاد بالمتاجر لَا يخافون، فقد ينزل العذاب وهم يتخوفون من العذاب، ولكنهم مصرون على سببه من مكر السيئات، وتدبير الموبقات للمؤمنين ضعفائهم وكبرائهم بالاستهزاء والسخرية.

ولذا قال تعالى: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ... (٤٧)

أي تخوف من العذاب أن ينزل بهم كما نزل بالأقوام قبلهم فهم يعروهم الخوف، ولكن لَا يصل إلى حملهم على الإيمان، ولكن يتخوفون أن ينزل بهم، وقد يفسر التخوف بمعنى النقص، أي

<<  <  ج: ص:  >  >>