للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦)

(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً)، الأنعام جمع نعم أو اسم جنس للنعم على كلام سيبويه، والنعم هي الإبل والبقر والغنم، ويشبهها طائفة لها خواصها، وطهارة لحمها وأكله مثل الغزال، وذوات القرون وغيرها من الأنواع التي تشابه بها في الخلق والتكوين والأكل والمرعى، والذي كان معروفًا فى الدواجن عند العرب الإبل والبقر والغنم، وهي التي وجبت فيها الزكاة ابتداء، وثبتت في غيرها إذا أمكن اقتناؤها للنماء، وصارت ذات نتاج يكون نماء لها، فالزكاة سببها أو وعاؤها مال نامٍ.

والعبرة التي ذكرها القرآن الكريم في خلق النعم من نواحٍ كثيرة، فهي في خلقها وجمالها حين تريحون وحين تسرحون، وفي تذليلها للإنسان وإلفها له لتذل له وتخضع وتستكين فبها يحرث الحرث وعليها يحمل أثقلاء ومن أرواثها يكون السماد الصالح، ومنها يتخذ الدفء والغطاء ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها يتخذ متاعا إلى حين.

وهكذا تتكاثر أوجه الانتفاع وكل ذلك بتسخير اللَّه تعالى لمن أراد أن يعتبر ويؤمن بنعم اللَّه تعالى ويشكرها كما أنعم، وقد ذكر سبحانه وتعالى بعض العبرة في الخلق والتكوين، وفيما يكون منها من لبن سائغ للشاربين، فقال عز من قائل: (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ).

(نُسْقِيكُمْ) تقرأ بالضم وفعلها أسقى وهي لغة جاءت في قوله تعالى:

(وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)، وهناك قراءة بالفتح وفعلها سقى، وهي تستعمل بمعنى أسقينا، وبمعنى أسقى من البئر، كقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>